هل التحالف على داعش هو الصلح مع الروم؟

هل التحالف على داعش هو الصلح مع الروم؟
إن تنزيل نصوص الفتن على الواقع من أخطر أبواب الانحراف ؛ لأن الخطأ فيه تترتب عليه أحكام وأقوال وأفعال ، وكان السلف يتوقون ذلك ، وقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حديث الهدنة مع الروم والمصالحة معهم لمقاتلة عدو مشترك ، ومحاولة تنزيل ذلك على التحالف الدولي على محاربة الدولة الإسلامية بالعراق والشام ، وهذا التنزيل في الحقيقة باطل بطلانا بينا كما يدل على ذلك نص الحديث وكما على ذلك الواقع ، وقبل بيان أوجه البطلان أورد نص الحديث من سنن أبي داود ثم أعلق بما يوجب بطلان ذلك الظن :
قال أبو داود رحمه الله ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻨﻔﻴﻠﻲ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ، ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻷﻭﺯاﻋﻲ، ﻋﻦ ﺣﺴﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻄﻴﺔ، ﻗﺎﻝ: ﻣﺎﻝ ﻣﻜﺤﻮﻝ ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺯﻛﺮﻳﺎ، ﺇﻟﻰ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺪاﻥ ﻭﻣﻠﺖ ﻣﻌﻬﻢ، ﻓﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺟﺒﻴﺮ ﺑﻦ ﻧﻔﻴﺮ، ﻋﻦ اﻟﻬﺪﻧﺔ، ﻗﺎﻝ:
ﻗﺎﻝ ﺟﺒﻴﺮ: اﻧﻄﻠﻖ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺫﻱ ﻣﺨﺒﺮ، ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ: ﻓﺄﺗﻴﻨﺎﻩ ﻓﺴﺄﻟﻪ ﺟﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻬﺪﻧﺔ،
ﻓﻘﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ:
” ﺳﺘﺼﺎﻟﺤﻮﻥ اﻟﺮﻭﻡ ﺻﻠﺤﺎ ﺁﻣﻨﺎ، ﻓﺘﻐﺰﻭﻥ ﺃﻧﺘﻢ ﻭﻫﻢ ﻋﺪﻭا ﻣﻦ ﻭﺭاﺋﻜﻢ، ﻓﺘﻨﺼﺮﻭﻥ، ﻭﺗﻐﻨﻤﻮﻥ، ﻭﺗﺴﻠﻤﻮﻥ، ﺛﻢ ﺗﺮﺟﻌﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺰﻟﻮا ﺑﻤﺮﺝ ﺫﻱ ﺗﻠﻮﻝ، ﻓﻴﺮﻓﻊ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻨﺼﺮاﻧﻴﺔ اﻟﺼﻠﻴﺐ ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻏﻠﺐ اﻟﺼﻠﻴﺐ، ﻓﻴﻐﻀﺐ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻓﻴﺪﻗﻪ، ﻓﻌﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﻐﺪﺭ اﻟﺮﻭﻡ، ﻭﺗﺠﻤﻊ ﻟﻠﻤﻠﺤﻤﺔ ” .
هذا هو الحديث من سنن أبي داود ، والآن نعلق بالآتي :
1- هل الواقع اليوم هو واقع صلح المسلمين مع الروم على هدنة بينهم من الحرب أو هو واقع الذل والهوان والتبعية ؟
2- لو سلمنا جدلا أن الواقع هو واقع صلح بين المسلمين والروم ، فهل هذا الصلح هو الصلح الآمن الذي يأمن فيه كل طرف من الآخر أو هو واقع الغزو والفتك بالمسلمين ولم يزل غزوهم لم يجف عرقه للعراق وأفغانستان وغيرها من البلاد الإسلامية ، وليس المسلمون في أمن منهم قط .
3- هل الدولة الإسلامية في العراق والشام عدو للمسلمين أو هي من المسلمين ؟ ولو سلمنا جدلا أنها عدو للمسلمين فأيهم أشد عداوة لشعوب المسلمين الدولة الإسلامية أو هذه الدول العربية التي أعلنت الحرب عليها ، ومن قبل أعلنت الحرب على شعوب الثورات العربية ؟ وما حرب غزة وموالاة اليهود على أهل غزة بغائبة عن أحد .
4 – الحديث يتحدث عن غزو لعدو من ورائنا معشر المسلمين ، ولم يزل العلماء في هذا الزمان حين يمرون هذا الحديث يقولون : لعلها الصين أو روسيا . مع أن هذا العدو قد لا يكون أحدا من هذه الدول ، فقد يكون الحدث بعد انتهاء هذه الدول ، ولكن القول بأن العدو روسيا أو الصين أقرب للشرع والواقع من هذا التنزيل الجديد لأن روسيا والصين عدو مشترك بيننا وبين الغرب – وإن كانوا يتفقون علينا – وهم كذلك من وراء المسلمين ، وأمل الدولة الإسلامية فليست من ورائنا وإنما في ديارنا في العراق والشام قطعا .
5 – الحديث يتحدث عن نصر وغنيمة « فتنصرون وتغنمون » فهل الحرب مع الدولة الإسلامية …يحقق نصرا وغنيمة للمسلمين؟ إن مجرد التحالف مع قوى الكفر على محاربة بعض المسلمين – ولو كانوا ما كانوا ولو كانوا مبتدعة أو فجارا فساقا خارجين الاستقامة أو بغاة خارجين عن الطاعة – إن مجرد التحالف على المسلمين يعد مهلكة وانخرافا في الولاء والبراء وورطة من ورطات الأمور ؛ بل قد يصل إلى الردة والعياذ بالله ، فأين النصر ؟ وأي غنيمة يغنمها المسلمون من أرضهم ؟
ثم قولوا لي بربكم : هل يظن عاقل أن هذا التحالف من أجل ضرب العدو المشترك أو من أجل ضرب أهل السنة وتصفية المجاهدين كلهم في المنطقة والمحافظة على أمن اليهود ، وتمهيد الطرق للفرس ؟
إن هذا التحالف مع أهل الكفر إنما هو تحالف على الإسلام وأهله ، والعجيب أن الدول العربية المشتركة في هذا التحالف صدق فيهم قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم :« يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان » فاهي طائراتهم تحلق لتضرب في أهل الإسلام وتدع اليهود والنصارى لا تمسهم بسوء . فهل نحتاج بعد هذا أن نبحث لهم عن أحاديث تزين وجوههم من حيث لا نشعر ؟

زر الذهاب إلى الأعلى