من تاريخ حلقات القرآن بديس المكلا

بسم الله الرحمن الرحيم

🔸 من تاريخ حلقات القرآن بديس المكلا:الأستاذ زكي بن جميل وآخرون🔸

✍🏻 أبو مجاهد صالح بن محمد باكرمان

عصريات جميلة:
ذكرت في الحلقة الماضية أن ممن كان يحضر معنا حلقة الشيخ محمد سعيد باشعيب رحمه الله تعالى شاب اسمه زكي عمر بن جميل رحمه الله تعالى ، وكان هذا الشاب يجلس معنا بمسجد الشهداء عصرا جلسات أخوية ، ويشجعنا على الحرص على الحلقات، ويعلمنا الأذكار، ويلقننا العقيدة ،ويحفظنا أسماء الأنبياء، ويُمتعنا بكلامه ومرحه وابتساماته وضحكه المميز، كانت شخصيته شخصية مرحة ضحوكة اجتماعية يألف ويؤلف، فتعودنا الجلوس معه بعد صلاة العصر في مسجد الشهداء دون انتظام، كل من سنحت له الفرصة منا يجلس معه، وهو يجلس في المسجد ، وكان بدينا قصيرا ، وكان يحب المسجد والقرآن والذكر، كان في أوائل العشرينات من العمر، يكبرنا بنحو خمس إلى ست سنوات، وكان يأتي من بيته بمنطقة بديري أعلى باجعمان من الجبل مشيا على الأقدام، ويصلي بمسجد الشهداء، حيث الحلقات والنشاط، وحيث الشيخ بادحمان رحمه الله تعالى صاحب الصوت الجميل .

عرض جميل من بن جميل:
وفي يوم من الأيام بعد أن استوثق من علاقتنا به ومحبتنا له قال: أنا أعرف شبابا ملتزمين بالدين في المكلا عندهم شيء من المعرفة والعلم بالدين يمكن أن يعلموكم إذا أحببتم ذلك، فما رأيكم؟ قلنا: تمام ، هذا شيء طيب . فذهب الأستاذ زكي بن جميل رحمه الله تعالى إلى المكلا وأخبر أولئك الشباب برغبتنا في أن يأتي إلينا أحدهم ويعلمنا القرآن بالتجويد ويعلمنا العلم الشرعي.

شباب الصحوة بالمكلا والدعوة:
لم يكن الأمر صدفة من الأستاذ زكي بن جميل رحمه الله تعالى ، فقد تبين لنا فيما بعد أن الأستاذ زكيا رحمه الله تعالى كان من سكان المكلا، وكان يسكن هو وأهله في حي الصيادين بالقرب من مسجد النور ، وكان أحد شباب الصحوة الأوائل ، بل كان معلما للأطفال في مسجد النور، وكان زميلا ورفيقا حميما للأستاذ فهد بامسعود حفظه الله (المهندس فيما بعد).
وكان الأستاذ زكي بن جميل رحمه الله تعالى كسائر شباب الصحوة يحرصون على الدعوة الفردية واستقطاب الشباب والأطفال لحقات القرآن وتعليم مبادئ الشريعة في ظل العهد الاشتراكي.
وللرعيل الأول من شباب الصحوة بالمكلا تاريخ سأسطر جزءا منه إن نسأ الله تعالى في العمر.

بداية الاتصال بشباب الصحوة :
كلم الأستاذ زكي بن جميل رحمه الله تعالى أصحابه شباب المكلا برغبتنا في التعلم كما سبق أن ذكرت فجلسوا وتشاوروا فيما بينهم ، واتفقوا على أن يذهب إلى الديس أولاً الأستاذ أحمد فرج عيبان حفظه الله تعالى ليستطلع الأمر، ويتأكد من حقيقة رغبتنا بأن يأتي أحدهم إلينا ، فجاء الأستاذ أحمد فرج عيبان حفظه الله تعالى يوم خميس ليلة جمعة إلى مسجد الشهداء قبل المغرب، وكانت العادة أن يغيب شيخنا بادحمان رحمه الله تعالى في مثل هذه الليلة ، فقُدِّم الأستاذ عيبان ليصلي بالناس إماما بمسجد الشهداء، وبعد الصلاة جلس مع إخواننا وفيهم صبري عوض الدقيل حفظه الله تعالى الذي كان أول من تعرف على الأستاذ عيبان حفظه الله تعالى ، ولم أكن حاضرا تلك الليلة، والغالب أن الأستاذ زكي بن جميل رحمه الله تعالى كان حاضرا.

من المُنْتدب لحلقات الديس؟ :
جلس الأستاذ أحمد فرج عيبان مع إخوانه الأساتذة عبد الله مكنون وجمال بامسعود وغيرهم حفظهم الله تعالى جميعا ، وأخبرهم بقابلية طلاب الشهداء بمعلم منهم ، فتشاوروا فيما بينهم مَن الأنسب منهم لتلك المهمة؟ ثم اتفقوا على أن الأنسب هو الأستاذ السيد عبد الله بن عبد الرحمن مكنون حفظه الله تعالى ، ورأوا ألا يذهب عيبان حفظه الله تعالى لأنه ربما تكون عليه العيون ؛ لأنه كان في صنعاء وصعدة (عند الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى) وعدن.

اللقاء الأول :
أخبرنا الأستاذ زكي بن جميل رحمه الله تعالى أن شباب المكلا وافقوا على أن يرسلوا أحدهم لتعليمنا ، وأنه سيأتي إلينا عصرا، وأن الموعد الأول سيكون يوم كذا وكذا.
اجتمعنا عصر ذلك اليوم في مسجد الشهداء وانتظرنا مجيء الأستاذ ، وأذكر تلك اللحظة كأنها الآن، وبينما نحن جلوس في ضاحي المسجد إذ دخل شاب بدين قصير القامة كث الليلة فصلى ركعتين تحية المسجد ثم أقبل علينا ، وجلس بثقة وطمأنينة ، كان ذلك هو الأستاذ القدير عبد الله بن عبد الرحمن مكنون حفظه الله تعالى ، شرع الأستاذ عبد الله مكنون حفظه الله تعالى في الحديث ، جالسا جلسة جبريل عليه السلام عندما جاء معلما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، مقدما ركبتيه جالسا على قدمية المفروشتين ، وكان المعلمون يومها يحرصون على تلك الجلسة، ثم شرع في الكلام عارضا علينا مقترحه لبرنامج الحلقة (سأتحدث لاحقا عن الأستاذ عبد الله مكنون حفظه الله تعالى الذي أحدث تغييرا بالغا في شباب الديس والدعوة فيه).
فوافقنا على ذلك .
وكان ذلك في بداية عام 1404 هجرية ، 1984م .

بن جميل الفنان (النحات):
كان من الذكريات الجميلة ذهابنا معه إلى بيته والتعرف على الجانب الآخر من بن جميل وهو الفن فن النحت وفن الخط .. فقد كان
نحاتا مبدعا ، وخطاطا ماهرا ، وتعلمنا منه النحت على الجبس وعلى الخشب بمناشير النحت الدقيقة، وله تحف كثيرة وزع بعضها هدايا للضباط أثناء خدمته العسكرية، ووضع بعضها في ثانوية ابن شهاب، وبعضها أظن في معهد الفنون الجميلة ، والرجل كأحد فناني ونحاتي حضرموت يحتاج إلى لفتة كريمة ، وإلى من يجمع آثاره في المتحف.

بن جميل من الميلاد إلى الوفاة
ظلت علاقتنا جميلة بابن جميل رحمه الله تعالى الذي كان حلقة الوصل بيننا وبين الرعيل الأول من شباب الصحوة بالمكلا ، واستمرت هذه العلاقة الطيبة الجميلة حتى وفاته رحمه الله.
وكان رحمه الله تعالى صاحب خلق كريم، وحسن معاملة، وعبادة وتألّه، وعفة وورع، وزهد وقناعة.

 وعرفت فيما بعد عن الأستاذ زكي بن جميل رحمه الله تعالى بواسطة رفيق دربه الأستاذ المهندس فهد محمد بامسعود الآتي:
  • الأستاذ زكي بن جميل رحمه الله تعالى من مواليد سنة 1965م.
  • درس الابتدائية هو والأستاذ فهد بامسعود في مدرسة الكفاح وسميت فيما بعد بمدرسة الشهيد خالد.
  • تعارفا هو وفهد بامسعود في الحارة، وتزاملا في المدرسة وتزاملا كذلك في حلقات القرآن بمسجد النور.
  • انتقلت أسرة بن جميل من المكلا إلى بديري (أعلى باجعمان) في أوائل الثمانينيات.
  • درسا الثانوية معا – بعد انتقال آل بن جميل من المكلا – في ثانوية المكلا (ابن شهاب) من عام 1981م إلى 1984م. وكان لهم زميل ثالث لا يكاد يفارقهم وهو الأستاذ سند بايعشوت رحمه الله تعالى.
  • ذهب الأستاذ زكى بن جميل رحمه الله تعالى إلى الخدمة العسكرية من عام 1984م إلى 1987م ، وكانت خدمته بالضالع.
  • تزوج الأستاذ زكي بن جميل رحمه الله تعالى ثلاث مرات ولم يكتب الله عز وجل له الإنجاب. مرض الأستاذ زكي بن جميل رحمه الله تعالى بحصى في كليته ، واشتد عليه المرض، وأدخل مستشفى ابن سينا بفوة ، وقررت له عملية لاستئصال الحصى ، ولكن قدر الله عز وجل أن يخرج من العملية ميتا ، وكان ذلك كما أفادني وذكرني أخوه ياسر سنة 1994م فترة دخول قوات الشرعية المكلا ، وكان دخولها في شهر سبعة من ذلك العام.
    فرحم الله الأستاذ زكي بن جميل رحمة واسعة ، وجزاه عنا خير الجزاء. 27 صفر 1447 هجرية. 21 أغسطس 2025م

زر الذهاب إلى الأعلى