ما هو قول أهل السنة والجماعة في قول الأشاعرة بأن الله ليس له جسم

رقم الفتوى ( 5075 )

السؤال : ما هو قول أهل السنة والجماعة في قول الأشاعرة بأن الله ليس له جسم؟

الجواب : أجمع المسلمون على أن الله تعالى ليس بجسم، بالمعنى المعروف للجسم الذي هو من صفات المخلوقين، والقول بأن الله تعالى جسم أو يشبه الأجسام كفر والعياذ بالله ؛ لأنه يلزم منه تشبيه الخالق بالمخلوق، وقد قال الله تعالى : { لَیۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَیۡءࣱۖ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیرُ } [سُورَةُ الشُّورَىٰ: ١١]. وإنما ينكر أهل الحديث والأثر على من ينكر اتصاف الله تعالى بالصفات تحت دعوى أنه يلزم من ذلك الجسمية، فيقولون: هذا الذي تنفونه من الجسم نحن نثبته أي: الموصوف بالصفات التي تعتقدون أنه جسم، وتطلقون عليه لفظ الجسم، فإذا كنتم تعتقدون أن المتصف بالصفات جسما فإننا لا ننفي عنه هذه الذات المتصفة بالصفات ، فيكون هذا الكلام من باب المناظرة، والكلام فيما اصطلح عليه الناس باصطلاح الجسم وليس بجسم، ومع ذلك لا يجوز إطلاق لفظ الجسم مطلقا على الله تعالى. وأما إلزام أهل الحديث والأثر بالقول بالجسم لأنهم أثبتوا لله تعالى صفات الاختيارية والصفات الخبرية فالجواب عنه من وجهين: الأول: أن هذا إلزام ، والإلزام لا يلزم إلا من التزمه، وأما من رفضه فلا يُلزم به.والثاني: أن هذا الإلزام في الحقيقة ليس بلازم، لأنهم يثبتون صفاتٍ لله عز وجل لا تشبه صفات المخلوقين إلا في الاسم والمعنى العام المشترك لا المعنى الخاص ، وإخواننا الأشاعرة يثبتون صفات المعاني والصفات المعنوية، ويقولون: صفات لا تشبه الصفات مع اشتراكها مع صفات الخلق في الاسم والمعنى العام المشترك كالحياة مثلا ، فصفة الحياة يتصف بها الخالق والمخلوق، ومعناه العام المشترك واحد وهو أن الحياة ضد الموت ، ولكنهما مختلفتان في المعنى الخاص، فحياة الخالق جل جلاله غير حياة المخلوق، فإذا قالوا : نحن ننكر صفة اليد ؛ لأننا لا نعلم في الواقع إلا اليد الجارحة، قلنا لهم: وكذلك الحياة فنحن في الواقع لا نعلم إلا حياة بخلايا، والواقع المشاهد مخلوق، وصفة الخالق في خصوصيتها وكيفيتها غيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فما تلزموننا به في صفة نثبتها نلزمكم به في صفة تثبتونها ، فإذا كان لا يلزم من إثباتكم التجسيم ..لم يلزم من إثباتنا التجسيم ونحن نصرح بتنزيه الرب جل جلاله ، واختصاصه بما هو مختص به من حقائق الصفات ، وإنما الاشتراك في الاسم والمعنى العام، والمعنى العام المشترك لا وجود له إلا في الذهن، وأما في الخارج والواقع فلا يوجد إلا الصفات الخاصة التي لا تتماثل ولا تتشابه . واعلم أن الجهمية والمعتزلة يصفون الأشاعرة والماتريدية مع أهل الحديث بأنهم مجسمة ؛ لأنهم يثبتون صفات المعاني لله تعالى ، وألزموهم بما ألزموا به أهل الحديث، وأهل الحديث والأشاعرة والماتريدية كلهم براء من التجسيم . والحمد لله.

زر الذهاب إلى الأعلى