مسائل في زكاة المال

بسم الله الرحمن الرحيم

مسائل في زكاة المال

1- الزكاة ركن من أركان الإسلام وفرض من فروضه العظيمة، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : ” بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ” رواه البخاري ومسلم .
وقال الله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[سورة التوبة: 103].  فلا يحل لك أيها المسلم أن تتهاون في ركن من أركان دينك الذي تدين به.

2 – جحد فرض الزكاة والامتناع عن الالتزام والإقرار بها كفر مخرج من ملة الإسلام، والتهاون بالزكاة والبخل بها أمر عظيم وكبيرة من الكبائر وموبقة من الموبقات، حتى قال بعض الأئمة بكفر من لم يؤد زكاته ولو لم يكن جاحدا لها، قال الله تعالى : (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)[سورة التوبة:11]. فاشترك الله عز وجل لأخوة الدين ثلاثة شروط، وهي : التوبة من الشرك، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ر

3 – جاء الوعيد الشديد في التهاون بأمر الزكاة والبخل بها وعدم أدائها:
قال الله تعالى :(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[سورة آل عمران: 180].
وفي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : ” مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَيْهِ ” يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ ” ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ. ثُمَّ تَلَا : لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ. الْآيَةَ ” رواه البخاري .

4 – إذا ملك المسلم نصابا من المال وحال عليه الحول.. وجبت عليه الزكاة، حتى لو كان المال محفوظا بقصد الزواج أو البناء، أو الحج، ونحو ذلك.

5 – نصاب الأوراق النقدية هو نصاب الذهب على الراجح؛ لأن الذهب هو معيار القيم اليوم، ونصاب الذهب أصل بذاته وليس تابعا لنصاب الفضة، وأما الفضة فقد انسحبت من سوق القيم.

6 – نصاب الذهب هو ٨٥ جراما من عيار ٢٤، أو ٩٧ جراما من عيار ٢١، فمن ملك مالا بقيمة ذلك بسعر البيع (سعر الذهب إذا أردت بيعه) وحال عليه الحول وجبت عليه الزكاة.

7 – زكاة عروض التجارة دل على وجوبها القرآن، قال الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ… )[سورة البقرة: 267]. ونقل جماعة من العلماء الإجماع على ذلك.

8 – وعروض التجارة كل مال معروض للبيع ملكه صاحبه بمعاوضه (في مقابل شيء) ونوى عند شرائه الاتجار به، ولم ينو به الاقتناء والاستعمال الخاص، فيدخل في ذلك معروضات المؤسسات التجارية والمحلات التجارية بجميع أنواعها وما يعرضه الأفراد للبيع كالمواد الغذائية والأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية والإلكترونية ومواد البناء والأقمشة والسيارات وقطع غيار السيارات والعقار (المباني والأراضي المعروضة للبيع) وغير ذلك .

9 – الأصول التي ليست معروضة للبيع من آلات وأدوات عمل ووسائل نقل ليس عليها زكاة.

10 – الودائع والأمانات المحفوظة عند بعض التجار لغيرهم لا تحسب في الزكاة.

11 – العمائر التي لا تعرض للبيع وإنما تؤجر للسكنى ليس عليها زكاة، وإنما الزكاة في الأجرة كنقد إذا بلغت نصابا ودار عليها الحول.

12 – إذا دخل مع التاجر شريك في بضاعة أو عدة بضائع فعلى مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يزكى المال المشترك ثم كل واحد عليه من الزكاة بحسب نسبته في البضاعة. وعند الجمهور لا يلزم أن يزكى المال المشترك مجتمعا، بل يجوز أن يزكي كل واحد من الشركاء ماله مستقلا.

13 – الديون التي للشخص عند غيره إذا كانت مضمونة بمعنى أنها معترف بها وغير ميئوس منها فإن عليها الزكاة وتحسب في المال الذي يزكى.

14 – والديون التي على الشخص لغيره إذا كان سيصفي ويرد الديون إلى أصحابها آخر السنة فلا حرج عليه في ذلك، وإذا رجعت الديون إلى أهلها فليس عليه زكاتها وإنما على مولاها.
وأما إذا لم يصف الديون فإنها لا تمنع الزكاة عند الإمام الشافعي رحمه الله وجمهور العلماء وهو الراجح، بمعنى أنها لا تخصم من المال عند حساب الزكاة؛ لأنها ديون في الذمة ولم يبق ارتباط بينها وبين البضاعة.

15 – تقوَّم البضاعة آخر السنة بما اشتريت به من نقد، فإن اشتريت بالريال اليمني قوِّمت به، وإن اشتريت بالريال السعودي قوِّمت به وإن اشتريت بالدولار قوِّمت به، وهكذا.

16 – وتقوَّم البضاعة آخر السنة بقيمتها في السوق زمن التقويم، ولا تقوَّم بالسعر الذي اشتريت به ولا بسعر البيع، وإنما بقيمتها عند البيع، وذلك  أقرب إلى سعر البيع.
ويجوز إخراج الزكاة من النقد الذي قومت به، ويجوز بصرفه من عملة أخرى بسعر يوم التقويم.

17 – إذا إراد شخص إخراج زكاة ماله تاجرا كان أو فردا عاديا فعليه أن :
– يحسب ما معه من نقد.
– ويضيف إليه قيمة ما معه من بضاعة بعد تقيمها.
– ثم يضيف إلى ذلك قيمة ما له من ديون مضمونة عند الناس.
-ثم يقسم مجموع ذلك على أربعين، والناتج هو الزكاة الواجب إخراجها.
أو يضرب مجموع ذلك في ٢.٥٪ ، أو يضرب مجموع ذلك مضروبا في ٢.٥ مقسومة على ١٠٠، ونتيجة تلك الطرق كلها واحدة.

18 – يجب أن تعطى الزكاة للأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن، ومنهم الفقراء والمساكين، ويحرم إعطاء الزكاة لغير مستحق، ولا تبرأ الذمة من الزكاة بإعطاء من ليس من أهل الزكاة من الأغنياء ونحوهم.

19 – الزكاة عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه عز وجل فيجب أن تخلص فيها النية لله عز وجل؛ لذلك لا يجوز أن يتخذ المزكي من الزكاة وسيلة لما يصلح دنياه باستخدام الزكاة في كسب بعض موظفي المؤسسات ذات العلاقة بعمله، أو باستخدام الزكاة كعلاوة لموظفيه، أو بتسديد فواتير ديون له على الناس، أو بتسويق بضاعته بدلا عن إخراج النقد، ونحو ذلك.

20 – يجوز إعطاء الزكاة للأقرباء المحتاجين الذين لا تجب لهم النفقة كالابن البالغ المنفصل والبنت المتزوجة والأخ والأخت والعم والخال ونحوهم، ويكون إعطاء الزكاة لهم زكاة وصلة.
ولا يجوز إعطاء الزكاة لمن تجب له النفقة كالأب والأم والأبناء والبنات الصغار.

21 – الأصل في إخراج زكاة النقد أن يخرج نقدا، والأصل في زكاة عروض التجارة أن تخرج قيمة، ولا يجوز إخراجها عروضا (مواد عذائية، ملابس وغيرها … ) إلا عند الضرورة كأن يكون الفقير سفيها يخاف من تضييعه للنقود، أو عند العجز عن إيجاد السيولة حتى بالدين، أو عند رغبة المسكين، ونحو ذلك.

22 – إذا أخذت الدولة الزكاة من التاجر أو بعضها برئت ذمته مما أخذته الدولة، وينزل ما بقي عليه، وهي المسئولة أمام الله عز وجل فيما أخذت. وإذا لم تطمئن نفسه لمصارف الزكاة من قبل الدولة فله أن يخرجها كاملة احتياطا إن شاء.

23 – لا زكاة على الحلي الملبوس المباح في مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وجمهور العلماء وهو الراجح ؛ لأنه اتخذ للقنية.
والمقصود بالملبوس ما يلبس في المناسبات ولو نادرا، وأما ما لا يلبس وإنما يحتفظ به للوقت ففيه الزكاة بشروطها.
والله أعلم.
كتبه أبو مجاهد
صالح بن محمد بن عبد الرحمن باكرمان
المشرف على مركز ابن مسعود للعلوم الشرعية
المكلا – حضرموت
٣٠ / شعبان / ١٤٤١

زر الذهاب إلى الأعلى