من تاريخ حلقات القرآن بديس المكلا

بسم الله الرحمن الرحيم

من تاريخ حلقات القرآن بديس المكلا (مسجد الشهداء)

✍🏻 أبو مجاهد صالح بن محمد باكرمان.
١٤ / ١٢ / ١٤٤٦ هجرية

📚 عهد الأستاذ محمد باشعيب رحمه الله تعالى:

🔸 بين هادي وباشعيب:
بعد سفر أستاذنا هادي محمد باجبير حفظه الله تعالى إلى بلده السويري ومنها إلى عدن ليكمل دراسته في كلية العلوم والتكنلوجيا (كلية الهندسة) ترك فراغا كبيرا في حياتنا بعد أن أثر فيها تأثيرا بالغا، حتى أنني أذكر أن بعض زملائي بكى بعد رحيله، مع قصر فترته معنا، وكنت قد أنهيت وجماعة من زملائي الصف السابع الابتدائي ، وبعضنا الصف السادس ، وكان ذهاب الأستاذ هادي حفظه الله تعالى تقريبا في آخر شهر شعبان سنة 1403 هجرية ، قبل شهر رمضان بطبيعة الحال على عادة الحضارم في قضاء رمضان والصيام ثم العيد عند أهلهم، غير أنا بقينا كأطفال في مسجد الشهداء مواظبين على الصلوات، مصاحبين للمصاحف، ومع رمضان وصلاة التراويح خلف شيخنا أحمد محمد بادحمان رحمه الله تعالى أو من ينوبه، ثم العيد وبهجته والانشغال به .
وبعد رمضان والعيد عدنا وعادت جموع الأطفال إلى مسجد الشهداء فبادر بعضنا في تأسيس حلقات للأطفال الصغار الذين كانوا في الصف الثالث والرابع والخامس الابتدائي في فترة ما بين العيدين الفطر والأضحى ، وأذكر تماما بعض الطلاب الذين كانوا معي في الحلقة، ولم يكن فارق السن بيني وبينهم كبيرا، وأظهرهم:

  • صلاح محسن اليهري إمام مسجد الشهداء حاليا.
  • وصبري صالح غانم رئيس مؤسسة حور .
  • ورأفت محمد عبّاد.
    وغيرهم.
    هذه كانت أول حلقة أديرها، وأول تجربة لي في سلك التعليم والتلقين. وكنت في الرابعة عشرة من عمري.
    وهكذا كان لبعض زملائي حلقات وتجارب كابن عمي خالد عبد الله باكرمان، ولطفي باجبع ، وغيرهم حفظهم الله تعالى. وجاء عيد الأضحى فذهب كلٌّ إلى سبيله. وأظن أنني في هذه الفترة عدت مع أسرتي إلى بيتنا في حافة باسويد، وكنا فترة سنة سابعة في بيت عمي عبد الله – رحمه الله تعالى – في قبلة مسجد الشهداء، خلف مستشفى حضرموت.

🔸 مبادرة باشعيب :
بعد عيد الأضحى المبارك في نهاية شهر ذي الحجة عام 1403 هجرية، نهاية شهر سبتمبر عام 1983 م عاد الطلاب إلى المسجد بأعداد كبيرة، والأستاذ سالم بوعيران رحمه الله تعالى يفتح للطلاب الصغار حلقة كبيرة -كالعادة- يصفهم صفوفا، ويرتب لهم الصلاة، ولكنه لا يستطيع أن يستوعب هذه الأعداد الكثيرة، ثم إن الطلاب الذين في الصف السابع والثامن لا ينضمون إلى هذه الحلقة التي يرتادها الصغار، وتستخدم فيها طريقة التلقين بصوت عال.
في هذا الوقت ظهر شاب في العشرينات من عمره ( هو من مواليد 4 / مارس / 1960 م )، وانبرى للجلوس لطلاب الصف السابع والثامن، ذلك الشاب هو الشيخ محمد سعيد عوض باشعيب رحمه الله تعالى.
والشيخ محمد باشعيب رحمه الله تعالى أصله بلدة السويري ، مديرية تريم، كسلفه الأستاذ هادي باجبير حفظه الله تعالى.
وقد جاء الأستاذ محمد سعيد باشعيب رحمه الله تعالى إلى المكلا كمعلم بناء مع المقاول البحبوح، غير أن الأستاذ محمد رحمه الله تعالى نشأ على والده سعيد باشعيب رحمه الله تعالى ، وتعلم منه قراءة القرآن، وبدايات العلوم الشرعية، فلم يمنعه عمله الشاق أن يجلس المغرب لتعليم القرآن.

🔸 سمات وأخلاق:
كان الأستاذ محمد رحمه الله تعالى صاحب هيئة حسنة ، يربط العمامة البيضاء على رأسه ، وكان:

  • يجلس في الحلقة متربعا.
  • ويبدأ بين يدي القراءة بالسواك .
  • وكان يقرأ قراءة حسنة عذبة.
  • وكان يقرأ بلحن حزين خشوع يجذب النفوس، ويؤثر في القلوب.
  • وكان لين الطبع، وذا خلق كريم.
  • وكان يبتسم دائما.
  • وكان حريصا على الحلقة مواظبا عليها.
    هذه الصفات وغيرها كانت كفيلة بجذب الطلاب والمحافظة عليهم. لقد جاء الأستاذ باشعيب رحمه الله تعالى على قدر ، ساقه الله تعالى إلينا ليغطي شيئا من الفراغ الذي تركه الأستاذ هادي باجبير حفظه الله تعالى.

🔸 الطلاب:
وأما الطلاب الذين جلسوا في حلقة الأستاذ باشعيب رحمه الله تعالى فمنهم جملة ممن كانوا مع الأستاذ هادي باجبير حفظه الله تعالى منهم:

  • غالب عوض الدقيل.
  • خالد عبد الله باكرمان.
  • صالح محمد باكرمان.
  • لطفي سالم باجبع.
  • سالم صالح بن مرضاح.
  • صبري عوض الدقيل.
  • أحمد صالح بن مرضاح.
  • جمال رمضان حديجان.
  • فائز عبود بن مخاشن.
  • ناصر عبد الله الحبشي.
    وغيرهم، حفظ الله الجميع.
    واستمرت هذه الحلقة لسنوات استمر الأستاذ باشعيب رحمه الله تعالى فيها نحو سنتين أو ثلاث ، ثم عقبه غيره فيها، وقد تعاقب على حلقة الأستاذ باشعيب أجيال من الطلاب، أما مجموعتنا فقد تحولوا إلى مدرسين ، وجاء خلال سنوات الأستاذ باشعيب رحمه الله تعالى مجموعة من الطلاب من أشهرهم:
  • زكي عمر بن جميل. (سيأتي الحديث عنه بإذن الله تعالى).
  • حسن عبد الرحمن العمودي .
  • عمر أبوبكر باجابر.
  • يوسف أحمد المحمدي.
  • سالم عبد الله باكرشوم.
    حفظهم الله جميعا. أما الأستاذ محمد باشعيب رحمه الله تعالى فقد انتقل بعد سنوات إلى مسجد الديس القديم (عَمْرة)، وكان يدرس فيه القرآن ، ومتن “سفينة النجاة” في الفقه الشافعي.

🔸 عودة إلى السويري:
في عام 1990م عاد الأستاذ باشعيب رحمه الله تعالى إلى بلده السويري وتولى إمامة وخطابة جامع الهدار بالسويري ، وكان خير عون لحلقات القرآن ومدرسيها في بلده، ومكث إماما وخطيبا ومدرسا لواحد وثلاثين سنة، وقد كُرِّم من جهة مكتب وزارة الأوقاف والإرشاد بحضرموت الوادي والصحراء عام 2017 م ؛ لجهوده الكبيرة وسنوات خدمته الطويلة في جامع الهدار بالسويري.

🔸 الوفاة:
توفي أستاذنا الشيخ محمد سعيد عوض باشعيب رحمه الله تعالى ببلده (السويري) بتاريخ 3 / ذي الحجة / 1442 هـ الموافق 13 / يوليو / 2021 م ، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وجزاه الله عنا خير الجزاء.
وقد كتب الدكتور إبراهيم محمد باشعيب ترجمة مختصرة لوالده غير أنه لم يتعرض لهذه الحقبة القديمة من تاريخ والده؛ لعدم إطلاعه عليها، وجزاه الله خير الجزاء.

زر الذهاب إلى الأعلى