ما السر في استخدام الفعل المضارع مع الليل والفعل الماضي مع النهار في سورتي الشمس والليل

رقم الفتوى ( 1182 )

السؤال : شيخنا الكريم ، في سورة الشمس ( والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها) وفي سور الليل( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ) ، والملاحظ استخدام الفعل الماضي (جلاها وتجلى) مع النهار ، والفعل المضارع (يغشاها ويغشى) مع الليل ! فما السر في ذلك؟حفظكم الله ورعاكم .
الجواب: من المعلوم أن الفعل المضارع يفيد الدلالة على الحدث مع الاستمرار ، وأما الفعل الماضي فيفيد الدلالة على الحدث دون الدلالة على الاستمرار بذاته غالبا ، ولعل الحكمة في اختيار الفعل المضارع للحديث عن غشيان الليل للأرض واختيار الفعل الماضي للدلالة على تجلية النهار للأرض هو أن الأصل في الكون هو الظلام والنور في المخلوقات طارئ فالليل يغشى الأرض باستمرار من قبل خلق الشمس والقمر ، فقبل أن يخلق الله الشمس والقمر لم يكن إلا الظلام ، ولو ذهبت الشمس والقمر لم يبق إلا الظلام إلا ما شاء الله ، فإذا طلعت الشمس وواجهت جزءا من الأرض كسته بالنور وجلت الأرض ، فالنور بالنسبة للأرض المظلمة كالثوب البهي الذي يجليها ويبينها ، ثم إذا ذهبت الشمس انخلع ذلك الثوب وانسلخ كما ينسلخ الجلد عن الحيوان ؛ لهذا قال الله عز وجل في سورة يس : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ)

[سورة يس: 37]. فالليل كأنه ثابت في الأرض والنهار كالثوب الذي يغطي الليل الذي يغشى الأرض ثم يسلخ الله النهار من الليل أي من فوقه فيظهر الظلام مغطيا كل شيء (فإذا هم مظلمون). والله أعلم .

زر الذهاب إلى الأعلى